اضطراب حاسة الشم
يزور الأطباء كل عام في الولايات المتحدة الأمريكية اكثر من 200000 شخص يعانون من اضطراب في قدرتهم على الشم وتميز الروائح . ويقدر عدد المصابين بهذه الحالة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها ما يقارب مليوني شخص . وعلى الرغم من كون هذه الحالة لا تؤثر على الحياة بشكل مباشر ، إلا أنها تؤدي في كثير من الأحيان إلى أمراض نفسية أهمها الاكتئاب . بالإضافة إلى فقدان الكثير من حاسة التذوق للارتباط الكبير بين هاتين الحاستين .
هناك عدة أنواع من اضطرابات حاسة الشم :
فقدان حاسة الشم نهائيا Anosmia
نقص الشم أو فقدان حاسة الشم جزئيا أو ضعف حاسة الشم Hyposmia ، والتي تتميز بأن الشخص المصاب بهذه الحالة يفتقد إلى القدرة على تميز الروائح المختلفة .
فرط الشم أو زيادة قوة حاسة الشم Hyperosima والتي تتميز بازدياد حاسة الشم ولروائح معينة أحيانا
بالإضافة إلى حالات أخرى متمثلة في شم روائح غير موجودة نتيجة أمراض نفسية أو تغير في شم الروائح نتيجة إصابة عصبية .
ويرجع الأطباء هذا الاضطراب في حاسة الشم إلى العديد من الأسباب ، منها :
أمراض فيروسية أو جرثومية
إصابة في الرأس أدت إلى أذى في الدماغ
اضطراب هرموني كما يحصل مع الحوامل أو أثناء الدورة الشهرية
التقدم في العمر
بعض الأمراض التي تصيب الدماغ كالزهايمر
تكون زوائد أو الالتهاب في منطقة الشم
حالة وراثية أو ولادية
حالات نفسية كمرض الفصام
حالات مرضية كمرض الشقيقة
التعرض لبعض المواد الكيميائية كالمبيدات الحشرية أو المذيبات أو بعض أنواع المعادن
أنواع معينة من الأدوية
الإصابة بورم سرطاني في الرقبة أو الرأس
العلاج الكيميائي
التشخيص
هناك اختبار بسيط يجريه الطبيب المعالج لتقدير حالة فقدان حاسة الشم . حيث يعطى المريض بعض الأوراق التي يقشطها ثم يشمها ، وكل واحدة منها تحمل رائحة معينة ، ويحدد الطبيب حالة المريض من خلال قدرته على تميز الروائح . وكان هذا الاختبار أولا يجرى لمرضى اضطراب حاسة الشم فقط أما الآن فقد اعتمد هذا الاختبار في الولايات المتحدة الأمريكية لتشخيص مرضى الزهايمر . حيث يطلب الطبيب المختص من المريض التعرف على روائح مألوفة من كتاب الشم ، وقد لاحظ الأطباء أن مرضى الزهايمر يحتاجون إلى وقت أطول من اجل تحديد الروائح ، ويخطئون في التعرف عليها في كثير من الأحيان . ومن فوائد هذا الاختبار تحديد مرضى الزهايمر في وقت مبكر مما يتيح فرصة اكبر لعلاج هؤلاء المرضى في مراحل مبكرة .
خطر الفقدان
سيتساءل الكثير هل أن فقدان حاسة الشم أمر خطير؟. والإجابة ستكون نعم . لان ذلك يعتبر في بعض الأحيان أمرا مهلكا، على الرغم من كونه غير مؤذي بشكل كبير . لكن رغم ذلك تبقى حاسة الشم الإنذار الأول في الكثير من الحالات الطارئة كتسرب غاز سام أو في حالة وجود دخان صادر عن حريق . وفي بعض الأحيان يعتبر فقدان حاسة الشم دليل على الإصابة بمرض خطير كمرض الزهايمر أو أحد أنواع الأورام الخبيثة أو سوء تغذية أو حالة نفسية معينة . كما لوحظ أن فقدان حاسة الشم أدى إلى إصابة عدد كبير من المرضى بحالة اكتئاب . بالإضافة إلى فقدان حاسة الشم أدى إلى فقدان جزء كبير من حاسة التذوق التي تلاحظ عادة من قبل المرضى .
العلاج
يعتمد اغلب أنواع العلاج على الحالة نفسها ، فإذا كان السبب مرضي كالزوائد الأنفية فان التدخل الجراحي كفيل بإزالتها، أما الإصابة بالعدوى فأن علاجها سيؤدي إلى عودة حاسة الشم إلى حالتها الطبيعية ، أما إذا كان السبب هو اخذ دواء معين ، فان تغيير الدواء أو تعديل جرعته سيساعد في الشفاء . وهناك عنصر ينصح به الأطباء دائما للمحافظة على حاسة الشم وهو عنصر الزنك الذي يساهم كثيرا في في علاج اضطراب حاسة الشم .
العلاج باستخدام الذاكرة الشمية
تحمل بعض الروائح للعديد منا ذكريات حسنة أو سيئة ، وعلى الرغم من ذهاب هذه الذكرى إلا أن الرائحة مازالت عالقة في أذهاننا كلما عادت إلينا تذكرنا بالحادثة المرتبطة بها . وقد لوحظ هذا كثيرا خلال العمليات الجراحية ، فأخر رائحة يشمها المريض أو رائحة آخر وجبة طعام قبل العملية تظل عالقة في ذاكرته . مما جعل البعض يذهب إلى تطوير هذا النوع من الذاكرة ليكون طريقة علاجية جديدة ، تعتمد على رائحة معينة خلال العلاج ، وتكرار هذه الرائحة سيكون له تأثير إيجابي كبير في الشفاء .
واحدة من اكثر الدراسات المثيرة للفضول والتي نشرت مؤخرا ، تم خلالها حقن مجموعة متطوعين من الذكور الأصحاء بحقنة إنسولين مرة واحدة ولمدة أربعة أيام ، بحيث يصل مستوى الإنسولين إلى أعلى مستوى ممكن من دون حدوث انخفاض في سكر الدم ، وفي الوقت نفسه كان يشمون رائحة معينة . في اليوم الخامس من التجربة تم إطلاق الرائحة ولم يتم حقنهم بالإنسولين ، وعند قياس مستوى السكر وجد انه مشابه لتركيزه عند حقن الانسولين .
وفي تجربة أخرى قام فريق الباحثين بأخذ مسحة من تحت إبط بعض النساء في أوقات مختلفة من الدورة الشهرية ، وتم بعد ذلك استخلاص إحدى المواد التي عملت عند شمها من قبل نساء أخريات على تأخير أو تقديم الدورة الشهرية عندهم ، تبعا للوقت الذي أخذت منه المسحة من النساء الأوليات .
حقائق و عجائب
75 % من حاسة التذوق هي عبارة عن شم
يستطيع الكلب تميز الاخوة التوائم غير المتطابقين عن طريق الشم ، لكنه لا يستطيع تميز التوائم المتطابقين .
يستطيع الجرذ تحديد مكان المتفجرات عن طريق الشم
يمتلك كل فرد منا حاسة شم خاصة به ، ما عدا التوائم المتطابقين
تستطيع عثة الملابس أن تشم الجزيئات المفردة
الكلب البوليسي يستطيع تتبع آثار الجريمة ومعرفة منفذها عن طريق الشم حتى بعد 24 ساعة من وقوع الجريمة
قرن الاستشعار عند بعض الحشرات يمكن أن يستعمل الإلكترونات المحيطة به كحاسة شم
الكلاب والخيول تستطيع تميز رائحة الخوف عند الإنسان ، وهي رائحة يقول عنها العلماء إنها تتحرر مع رائحة العرق الذي يفرزه جسم الإنسان عند الخوف
حاسة الشم لدى النساء أقوى منها عند الرجال وبمختلف مراحل الحياة . ومع ذلك فأن قوة هذه الحاسة تختلف حسب أيام الدورة الشهرية ، وتقل عادة بعد انقطاع الدورة الشهرية
يميز الأطفال الرضع أمهاتهم عن طريق حاسة الشم . وفي تجربة تم فيها غسل أحد ثدي الأم مباشرة بعد الولادة ، اختار 22 طفلا من أصل 30 طفلا الثدي غير المغسول عن طريق الرائحة
يؤدي التدخين إلى ضعف حاسة الشم
يعود سبب عدم استطاعتنا الشم أو الإحساس بالروائح عند إصابتنا بالبرد ، إلى تعذر وصول جزيئات الرائحة إلى مستقبلات الشم.
تؤدي بعض أدوية المضادة للحساسية إلى تقوية حاسة الشم
يوجد عند الإنسان الطبيعي حوالي عشرة ملايين مستقبل شمي ، بينما لدى الكلب الألماني شيفيرد حوالي اثنين مليار مستقبل شمي.
حاسة الشم والذاكرة
لحاسة الشم علاقة قوية جدا بالذاكرة . وقد وجد أن للروائح قدرة على تنشيط الذاكرة ، والمساعدة في تذكر أشياء قد مضى عليها زمن بعيد . و في إحدى التجارب تم إطلاق رائحة في غرفة يذاكر فيها بعض الطلاب ، وخلال الامتحان تم إطلاق نفس الرائحة فكانت الإجابات مرتفعة بشكل ملحوظ . كذلك وجد أن الذين يتعرضون لأذى في المنطقة المسؤولة عن الذاكرة في الدماغ ، لا يستطيعون تميز الروائح . بالإضافة إلى أن الذاكرة الشمية هي أول أنواع الذاكرة الحسية التي تضعف مع تقدم العمر .
حاسة الشم والتذوق
ترتبط حاسة التذوق بشكل كبير بحاسة الشم فعدى كونهما حاستين كيميائيتين ، فان العلماء يقدرون أن 75 % من حاسة التذوق هي عبارة عن عملية شم . وان تأثر حاسة الشم سيؤدي إلى ضعف كبير في حاسة التذوق . علما أن حاسة الشم أقوى من حاسة التذوق بحوالي 10000 مرة.
حاسة الشم والمزاج
لحاسة الشم تأثير كبير على المزاج والعواطف . ويكون هذا التأثير مرتبطا بعوامل كثيرة منها حالة الشخص نفسه . لكن عند الإنسان الطبيعي تؤدي الروائح الطيبة إلى زيادة الشعور بالسرور ، وتؤدي الروائح المزعجة إلى شعور بالضيق والتوتر . بالإضافة إلى أن الباحثين لاحظوا أن المصابين بفقدان حاسة الشم اكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والانعزال عن الناس .
حاسة الشم والهرمونات
حاسة الشم عند النساء في عمر الإنجاب ( 16 – 45 سنة ) بشكل عام أقوى منها عند الرجال . وتختلف قوة الحاسة خلال أيام الدورة الشهرية ، وتكون في أقوى حالاتها في منتصف أيام الدورة الشهرية ، ويرجع العلماء سبب ذلك إلى تغير الهرمونات خلال أيام الدورة الشهرية . كما انه نفس السبب الذي يعزى إليه زيادة حاسة الشم عند الحوامل . كما أن ذلك قد لوحظ أيضا مع بعض الاضطرابات الهرمونية حيث تقل أو تزداد حاسة الشم .
حاسة الشم والفضاء
يفقد رواد الفضاء حاستي الشم والتذوق عادة . يعود السبب في ذلك إلى احتقان الأنف نتيجة ازدياد الضغط داخل الأوعية الدموية بسبب أن القلب لا يستطيع العمل بنفس الكفاءة لفترة طويلة ضد الجاذبية . لذلك تميل الجيوب الأنفية إلى الامتلاء والاحتقان بالسوائل ، مشابه بذلك حالة الإصابة بالبرد .
الأمهات والأطفال
90 % من الأمهات يستطيعون التعرف على رائحة مواليدهم بعد عشر دقائق إلى ساعة من بقاء أطفالهم إلى جانبهم . وكل النساء تقريبا يميزون رائحة أطفالهم بعد ساعة من بقائهم إلى جانبهم . وهذا حسب رأي العلماء يعود إلى أن دماغ الأم يفسر رائحة الطفل بشكل خاص يختلف عن جميع الروائح .
حاسة الشم والعمر
يصيب الكثير من البشر مع تقدم العمر ، أي بعد الستين ، نقص في حاسة الشم ، وان لم يشعروا بذلك ، لكن ذلك سيبدو جليا مع شعورهم بتغير حاسة التذوق . وتزداد نسبة الإصابة باضطراب في حاسة الشم عند من يتجاوز الثمانين من العمر لتصل إلى 80 % ، منهم 50 % يعانون من فقدان كامل لحاسة الشم .
حاسة الشم في الصغر
سؤال شغل بال العديد من الباحثين عبر سنوات مضت وهو : هل يستطيع الأطفال تميز الروائح ؟ . وقد توصل الباحثين إلى اكثر من نتيجة لكن جميع هذه النتائج تدل على أن حاسة الشم تكون مكتملة لدى الأطفال عند الولادة ، إلا أن ما اختلف عليه هل يستطيعون التميز بين الروائح. ففي دراسة وجد أن الأطفال حتى بعد 50 ساعة من ولادتهم لا يمكنهم تميز نوع الرائحة ، فلم تكن هناك استجابة لدى أطفال عند شمهم لرائحة اليانسون ( رائحة طيبة ) ورائحة الحلتيب ( نوع من الصمغ ذو رائحة غير جيدة ) . بينما أظهرت دراسة أخرى نتيجة شبه معاكسة للدراسة الأولى حيث أظهرت ردة فعل سلبية عند الأطفال عند شمهم لرائحة سيئة تمثلت في إيماءات في الوجه معبرة عن الانزعاج ، بينما لم يكن هناك أي تغير في قسمات الوجه عند شمهم لرائحة جيدة . لكن مع هاتين الدراستين ، هناك عدد كبير من الدراسات التي أثبتت أن الأطفال يستطيعون تمييز رائحة أمهاتهم المرضعات عن النساء الأخريات بعد أيام قليلة من الولادة . وفي العديد من التجارب على الحيوانات اثبت ذلك ، فقد تم مسح ثدي أنثى جرذ ، فلاحظ الباحثون أن الرضيع ابتعد أول مرة لأنه لم يميز الرائحة ، التي يعتقد انه يدركها وهو في رحم أمه . وقد تكون حاسة الشم قوية إلى درجة أن الطفل النائم قد يستيقظ من نومه عند دخول والدته الغرفة بينما قد لا يستيقظ عند دخول آخرين إلى الغرفة بهدوء .
العلاج بالروائح
نوع من العلاج المعتمد على الروائح والذي يكون الأنف والجلد والدماغ هم الأساس فيه ، وهو فن قديم تستخدم فيه العطور أو الزيوت الأساسية والمطلقة وغيرها من المواد لتحقيق فوائد بدنية ونفسية ، ولكل رائحة أو زيت قوته العلاجية الخاصة مثل تخفيف التوتر ومقاومة العدوى الميكروبية وزيادة الإنتاجية ، أو كمنشط جنسي ، وقد استخدمت الحضارات القديمة العلاج بالروائح ويعتقد أن عمره ستة آلاف عام .
وقد أكدت الكثير من التجارب على صحة هذا العلاج ، فمن خلال استخدام تقنية التخطيط الموجي للدماغ Electroencephalography - EEG ، أمكن تحديد فعالية الكثير من الروائح والعطور على تغير أو إلغاء موجة ألفا Alpha wave . وقد قسمت الروائح تبعا لهذه الدراسة إلى روائح مستثيرة لكونها تغلق هذه الموجة ، وروائح مهدئة لكونها تزيد من قوة وطول هذه الموجة .
الأنف الإلكتروني
استطاع العلماء من اختراع آلة أطلقوا عليها اسم الأنف الإلكتروني E-Nose ، تحاكي في عملها الأنف ، ويعمل العلماء على تطويرها . وهي تتألف من متحسسات دقيقة جدا تشكل بمجموعها حجم صغير يعادل حجم انف الإنسان وترتبط إلى جهاز حاسوب لتحليل البيانات الواردة إليه من هذه المتحسسات . يضع العلماء أملا على هذا الأنف الجديد في الكثير من المشاريع ، فهم يأملون استعماله لتحديد الروائح في الفضاء ، ولمساعدة المرضى الفاقدين لحاسة الشم ، وللإنذار المبكر عند حدوث تسرب في الغاز أو وجود دخان ، ولتطوير صناعة العطور، وللمساعدة في التعرف على بعض المواد الكيميائية خلال التجارب العلمية ، ولمراقبة التلوث الحاصل في بيئة المعامل وإعطاء تحذير في حالة حصول أي تسرب لمواد كيميائية